top of page
Search

الحديث عن الهولوكوست!

شاهدنا الاسبوع الماضي مقطع فيديو لطالبة مؤيدة لإسرائيل في جامعة فيرمونت الامريكية دعت فيها الى عدم استحضار الهولوكوست لوصف الابادات الجماعية الاخرى (و كانت تقصد الابادة الجماعية الحالية لسكان غزة). و بزلة لسانها هذه، اقرت الطالبة بحدوث ابادة جماعية في غزة و هذا ما اضحك الحاضرين في القاعة و جعلها مادة للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.

‏ما يهمني هنا هو حديث الطالبة عن الهولوكوست وطلبها بعدم المقارنة بين الهولوكوست و أي إبادة جماعية اخرى، فهي قالت ما سمعته مراراً و تكراراً من الاعلام الغربي-و ممن حولها على الأرجح- و ما سمعناه نحن ايضاً طوال العقود الماضية من قبل الصهاينة و هو أنه لا يجب مقارنة الهولوكوست بأي شيء آخر! فالهولوكوست في مرتبة و كل الابادات الجماعية على مر التاريخ في مرتبة أخرى. لقد وضعوا على الهولوكوست هالة القدسية بحيث أنه لا يجوز الحديث عنها أو مقارنتها بأي ابادة جماعية أخرى. وأنا أتساءل ماذا لو تمت مقارنة الإبادة الجماعية التي تحدث الآن في غزة مع الابادة الجماعية التي حدثت في رواندا عام ١٩٩٤ لقبيلة التوتسي، هل كان لينتفض البعض و يطلب عدم المقارنة بين هذه و تلك أم أن الامر ينصرف إلى الهولوكوست و حسب؟

‏يجب ألا ننسى بأن مأساة الهولوكوست كان نصف الضحايا فيها من غير اليهود ‏و لكن نجحت أمريكا وأوروبا في جعلها مأساة لليهود فقط و من ثم حل هذه المأساة و أزمة اليهود عبر إيجاد وطن جديد لهم في فلسطين، و هذا ما تطرق إليه ‏ممدوح عدوان في كتابه (تهويد المعرفة) حيث تحدث عن استغلال الصهيونيين والإسرائيليين الهولوكوست في المنابر السياسية والأكاديمية والفنية و غيرها لخدمة أجندتهم و للاستمرار في لعب دور الضحية رغم مرور كل تلك السنوات على الهولوكوست.

‏بكلامي هذا لا أقلل من فظاعة الهولوكوست فقد كان وصمة عار مروعة للإنسانية، ولكنني اشدد على ألا يكون هناك خوف من الحديث و الاشارة الى الهولوكوست او استخدام مصطلح الابادة الجماعية في الإشارة إلى الهولوكوست أو غيرها.

اذاً، لا تخافوا من الإشارة والحديث عن الهولوكوست و تشبيه ما يحدث في غزة كإبادة جماعية لسكان غزة، لأن ما يحدث الآن هو كذلك بحسب تعريف الابادة الجماعية وفق قرار الأمم المتحدة الصادر بتاريخ 11 ديسمبر/كانون الأول 1946 و الذي ينص على أن الإبادة الجماعية هي "ارتكاب أي عمل من الأعمال الآتية بقصد الإبادة الكلية أو الجزئية، لجماعة ما على أساس القومية أو العرق أو الجنس أو الدين، مثل: قتل أعضاء الجماعة. إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي الخطير بأعضاء الجماعة. إلحاق الأضرار بالأوضاع المعيشية للجماعة بشكل متعمد بهدف التدمير الفعلي للجماعة كليا أو جزئيا. فرض إجراءات تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة. نقل الأطفال بالإكراه من جماعة إلى أخرى."

في الشهور الماضية، تم قصف غزة و قتل و تشريد سكانها و تدمير بيوتهم ومستشفياتهم و أماكن العبادة فيها و قطع وسائل الغذاء والماء و الاتصال عنهم و اعتقال أطفالهم، فكيف لا توصف هذه بالإبادة الجماعية؟!

فلنسم الأمور بأسمائها.. هي ابادة جماعية. و لنؤكد بان لا احد يحتكر مصطلح الإبادة الجماعية وان كان هناك متصهينين يريدون ان يحتكرون مصطلح "الإبادة الجماعية" لأنها تخدم اجندتهم كييستمروا في طغيانهم في غزة و الضفة الغربية و باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، و هذا ما لايجب السكوت عنه.

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق


 
 
 

Recent Posts

See All
ليلة ضحك و دموع

الانسان عبارة عن كتلة مشاعر وطاقة تحتاج إلى التفريغ من حين لحين آخر. ولذلك يضحك الانسان ويغضب ويبكي ويتذمر ويتحدث مع الآخرين. أو مع نفسه!...

 
 
 
سبب نجاح العلاقات!

يتناول مسلسل (TELL ME YOU LOVE ME) العلاقات العاطفية لمجموعة من الأزواج بطريقة تحليلية لمشاكلهم اليومية والمتراكمة. و ما أعجبني في...

 
 
 
ثورة الجامعات الامريكية!

ما بدأ الأسبوع الماضي في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الامريكية هو حدث تاريخي. قام الطلاب في جامعة كولومبيا بالتظاهر والاعتصام...

 
 
 

Comments


bottom of page