قيّم من ورق!
- jawahermalthani
- Jan 24, 2024
- 2 min read
نصبت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها منذ الحرب العالمية الثانية نفسها كالحامي والمدافع الأول عن الحرية و المساواة و التقدم و القيم الديمقراطية في العالم. و خطبت حكوماتها و رؤسائها حول هذه القيّم في جميع المنابر. فتعهد جون كيندي في خطاب تنصيبه كرئيس للجمهورية بالدفاع عن الحرية قائلاً: "فلتعلم كل أمة، سواء كانت تتمنى لنا خيرا أو سوءا، أننا سندفع أي ثمن، و نتحمل أي عبء، ونواجه أية مصاعب، وندعم أي صديق، ونعارض أي عدو لضمان بقاء ونجاح الحرية". ثم قال كلمته الشهيرة:
"وهكذا إخواني المواطنون: لا تسألوا ماذا تستطيع بلادكم أن تفعل من أجلكم، بل اسألوا أنفسكم ماذا يمكنكم أن تفعلوا من أجل بلادكم. إخواني مواطنو العالم: لا تسألوا ماذا قد تفعل أميركا من أجلكم، بل اسألوا ماذا نستطيع أن نفعل معا من أجل حرية الإنسان".
ثم أن لدينا الاتحاد الأوروبي الذي تنص معاهدته في المادة الثانية على أن الاتحاد الأوروبي «يقوم على قيم احترام الكرامة الإنسانية والحرية والديمقراطية والمساواة وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات». و أن الدول الأعضاء تشترك في «مجتمع تسود فيه التعددية وعدم التمييز والتسامح والعدالة والتضامن والمساواة بين النساء والرجال».
و تحرص الولايات المتحدة الامريكية و الاتحاد الاوروبي و المملكة المتحدة حتى اليوم على اظهار انفسهم على انهم حامو القيم الديموقراطية و الحرية و المساواة و حقوق الانسان في العالم، و ان هذه القيم تسيطر على طريقة اتخاذ قراراتهم المحلية و الدولية. و لهذه "القيم"، اسست هذه الدول بجانب دول اخرى منظمة الامم المتحدة.. "للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وحفظ حقوق الإنسان، وتقديم المساعدات الإنسانية، وتعزيز التنمية المستدامة، ودعم القانون الدولي".
و نجد بان الولايات المتحدة الأمريكية و المملكة المتحدة و دول الاتحاد الاوروبي تضع هذه القيم في كل شعاراتها و في كل حملاتها و دعاياتها و إعلاناتها حول العالم بل ان بعضها استخدمها في استعماراتها و غزواتها و في اعتدائها على دول اخرى. و في كل الافلام و الاغاني هم من يدافعون عن الحرية و حقوق الانسان.. و هم من يَعرفون الديموقراطية الحق و الحقوق التي يجب صونها. بل و هم من يضعون التعريفات للديموقراطية و حقوق الانسان.
و أتساءل و انا انظر اليوم لغزة و ما حدث فيها و ما يزال يحدث حتى اليوم، اين المعاني هذه اليوم منهم؟ اين شرطي العالم الذي لطالما نصب نفسه كحامي الكرة الارضية من الحرب و الدمار و الفساد؟
لماذا لم تمنعهم قيمهم من التصويت ضد ايقاف المجزرة في غزة في مجلس الامن؟ لماذا لم تمنعهم قيمهم من
التدخل السياسي و تقديم المساعدات للفلسطينيين في ظل الإبادة الجماعية التي يواجهها ابناء غزة منذ السابع من اكتوبر ٢٠٢٣؟!
بل على العكس، رأينا هذه الدول التي تزعم انها حامية لحقوق و حرية الانسان، تحطم هذه القيم و تنسفها منذ السابع من اكتوبر! شاهدنا تضييق لحريات و ادانات للفلسطينيين و لمن يساندونهم! شهدنا "عدم الاعتبار و عدم الاهتمام" بحرية و حقوق بل و حياةالفلسطينيين من اطفال و نساء و شيوخ و رجال مقارنة بما حصل عند غزو روسيا لأوكرانيا!
لربما حان الوقت لإعطاء المدافعين الحقيقين عن حقوق و حرية الانسان أمثال جنوب أفريقيا المجال لتعليم العالم حول قيم الحرية و الديموقراطية و كيفية الدفاع عن حقوق الانسان! لربما وقتها قد نرى التغيير الإيجابي في العالم، و تبقى شعلة الامل فينا متقدة حول مستقبل افضل للإنسانية!
جواهر آل ثاني
صحيفة الشرق
Comments