top of page
Search

لا أبرح حتى أبلغ!


 

 

 

نحن في عصر السرعة.. عصر سهولة الحصول على الشيء و توقع الحصول عليه. مثلما يصل كل شيء إلينا بسرعة، نتوقع وصولنا لأي شيء بسرعة. و لا نقبل بغير ذلك ولا نرضى دون ذلك. هذه الخصال التي تطبّعنا بها مع تطورات العصر الذي نعيش فيه. عصر تطورات التكنولوجيا و التواصل و الوصول لاي شخص و أي مكان في أي وقت! أصبحنا مُطّلِعين على ما يملكه الآخر سواء من هم دوننا أو أعلى مننا في المكانة أو الجاه أو المال أو السلطة. فأصبحنا نريد الحصول على كل شيء "مثل الآخر"! و لكننا في خضم كل أمنياتنا و أحلامنا و تصوراتنا للواقع و المستقبل، فقدنا معلومة بسيطة ألا و هي أن الناس الذين نتابعهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي و الذين نظن بانهم حصلوا على كل شيء بسرعة أو دون تعب، و نتمنى أن نصل إلى مآلهم أو أن نصبح أفضل منهم، لم يصبحوا هؤلاء الناس بين ليلة و ضحاها!

صحيح بأننا في عصر السرعة لكن ذلك لا يعني بأن الوصول الى النجاح سيكون سريع.. و لا يعني بأن الأشخاص الناجحين وصلوا الى امنياتهم و تفوقهم و فاقوا طموحاتهم سريعاً.. و إن كانوا قد وصلوا إلى ما وصلوا إليه بسرعة إو ضربة حظ فالأكيد إن المحافظة على النجاح سيكون صعب بصعوبة الرحلة الأصلية أو أكثر!

الوصول الى النجاح صعب. أن تكون كاتب عظيم أو صاحب شركة ذو شأن أو  رسام تباع لوحاته بالألاف الريالات ستكون رحلة شاقة و متعبة على الأغلب و إن كنت عبقرياً! تذكر فينسنت فان غوخ! و لكنها رحلة تستحق التعب و الابحار! أن تسعى كل يوم وراء حلمك لهو شيء عظيم يستحق الاحترام و إن كانت الرحلة بطيئة..  و إن عاندك الموج و الطقس و صادفت بعض القراصنة في طريقك! و الأهم من كل هذا ألا تستلم كيلا تغرق! لا تستلم أبداً حتى تصل الى حلمك كيلا يُطاردك حلمك إلى آخر حياتك.

دايانا نياد هي سباحة ماراثونية أميركية. بعمر ٢٦ عاماً سبحت حول جزيرة مانهاتن في نيويورك في وقت قياسي، و بعدها بأربع سنوات سبحت من البهاماس إلى ولاية فلوريدا أي مسافة تقارب ١٦٤ كيلومترات. و في عمر الثلاثين قررت أن تتقاعد ولكن ليس قبل أن تحقق حلمها بالسباحة من كوبا و حتى فلوريدا أي مسافة تعادل ١٨٠ كيلومترات تقريباً. و لكن نياد فشلت في محاولتها و من ثم تقاعدت دون أن تحقق حلمها و بقي حلمها مطارداً لها للثلاثين عاماً المقبلة. و عندما بلغت الستين عاماً قررت نياد أن تحاول من جديد، فهذا حلمها أولا و أخيراً. و بدأت في التدريب من جديد لهذه السباحة طويلة المسافة. و بعدها بعام تقريباً حاولت مرة أخرى و فشلت ثم حاولت مرة ثانية و فشلت! و حاولت بعد هذه المرتين و فشلت في الوصول إلى ساحل فلوريدا! و لكن في محاولتها الخامسة و بعمر ٦٤ عاماً نجحت نياد في الوصول الى كي ويست في فلوريدا و حققت حلمها في السباحة من كوبا و حتى فلوريدا!

نياد لم تستلم أبداً. لم تستلم حتى وصلت الى حلمها. و صلت بصعوبة و تعب و مشوار طويل دام أكثر من ٣٠ سنة و لكنها وصلت! و هذا ما يجب أن نضعه نصب أعيننا دائماً. نعم! قد يكون الطريق طويل و وعر و متعب و لكنه الطريق الذي سيوصلنا الى مبتغانا.. و عندما نقترب من الاستسلام كل ما علينا فعله هو أن نصبر و أن نقول لأنفسنا:" لا أبرح حتى أبلغ!".

 

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق


 
 
 

Recent Posts

See All
ليلة ضحك و دموع

الانسان عبارة عن كتلة مشاعر وطاقة تحتاج إلى التفريغ من حين لحين آخر. ولذلك يضحك الانسان ويغضب ويبكي ويتذمر ويتحدث مع الآخرين. أو مع نفسه!...

 
 
 
سبب نجاح العلاقات!

يتناول مسلسل (TELL ME YOU LOVE ME) العلاقات العاطفية لمجموعة من الأزواج بطريقة تحليلية لمشاكلهم اليومية والمتراكمة. و ما أعجبني في...

 
 
 
ثورة الجامعات الامريكية!

ما بدأ الأسبوع الماضي في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الامريكية هو حدث تاريخي. قام الطلاب في جامعة كولومبيا بالتظاهر والاعتصام...

 
 
 

Kommentare


bottom of page